وهل ظهر مثله أجمع وأوفق لتلك الوظائف؟. وهل أبرز الزمان لمقام الرسالة ووظيفة التبليغ اليق منه ؟ لا، ولا يمكن أن يكون ذلك. بل هو إمام الأنبياء وسيد المرسلين وصفوة الأصفياء وأقرب المقربين وأكمل العالمين وسلطان المرشدين (عليه الصلاة والسلام).
نعم، يكفي لإثبات رسالته كالشمس عياناً هذا القرآن الذي هو بحر الحقائق والمعجزة الكبرى التي تبلغ وجوه إعجازها نحواً من أربعين وجهاً. بله المعجزات التي تبلغ ألفاً، حسبما اتفق عليه أهل التحقيق تلك المعجزات التي منها (انشقاق القمر) و (نبع الماء من أصابعه الشريفة) وبله دلائل النبوة التي لا تعد ولا تحسب.
وبما أننا قد شرحنا وجوه إعجاز القرآن التي تبلغ أربعين وجهاً في رسالات أخرى، لا سيما في المقالة الخامسة والعشرين. نكتفي بهذا روماً للاختصار.
الإشارة الثالثة:
لا يقال: ما قيمة هذا الإنسان الصغير الضعيف، حتى يسد باب هذه الدار دار الدنيا العظيمة لمحاسبة أعماله، ويفتح له باب دار أخرى.
فإن هذا الإنسان -وان كان ضعيفاً وصغيراً- إلاّ انه باعتبار أنه جامع لأجهزة معنوية، كأنه حجر الزاوية لهذه الموجودات ودلاّل للسلطنة الإلهية تتجلّى فيه العبودية الكلية. كما لا يقال: كيف يستحق بهذا العمر الفاني القصير عقوبة دائمة لا نهاية لها؟. لأنه لما حط الكفر والإلحاد بالكون إلى درك العبث وجعله عقيماً، هذا الكون الذي كأنه مكتوب صمداني، كانت حقارة للكون وجحوداً للأسماء التي تتراءى