القطعة الثاﻧﻴﺔ من الذيل
المقام الأول من المقامات التسعة الدائرة حول الحشر التي أشارت إليها الآية الكريمة بأسلوب معجز البيان:
﴿فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَاْلأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ. يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيَخْرُجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِى اْلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ (الروم: 17-19)
وقد بيّن في خاصة الحياة -الثامنة والعشرين- في موضع آخر: أن الحياة تنظر إلى أركان الإيمان الستة وتشير اليها.
نعم، إن نتيجة الكون وعنصره الأساسي وحكمة خلقته هي الحياة. ولكنها ليست منحصرة في هذه الحياة الفانية اليسيرة التي هي معروضة للمصائب والآلام، بل تفيد الخاصة التاسعة والعشرون للحياة، أن الغاية من شجرة الحياة ونتيجتها وثمرتها التي تليق بعظمتها هي الحياة الأبدية حياة الآخرة، حياة دار السعادة التي هي حية بحجرها وشجرها وترابها. وإلا لما كان معنى وفائدة لهذه الشجرة شجرة الحياة المجهزة بما لا يعد من الجهازات والمعدات بالنسبة لذوي الشعور والإحساس لا سيما الإنسان. فهو وإن كان أسمى مخلوق في الكون وأكرم من جميع ذوي الحياة، وأعلى من جهة جهازاته بعشرين درجة مثلاً من العصفور، إلا أنه من جهة سعادته في هذه الحياة أحط بعشرين درجة منه وأشقى وأذل من كل شيء.