وبعد ما استمع إلى هذه النصيحة عاد إلى رشده فوضع حمله في السفينة وقعد عليه، وقال: أنا الآن سعيد جداً بهذا رضي الله عنك حيث كنت السبب في نجاتي من تلك الحالة المؤلمة والسخرية.
فيا من هو بعيد عن التوكل تفكر جيداً وعد إلى رشدك مثل هذا الرجل الذي قصصناه، وتوكل على الله حتى تنجو من تسول جميع أفراد الكون ومن الارتعاد أمام كل حادثة ومن الرياء والسخرية ومن الشقاوة الأبدية.
النقطة الرابعة: إن الإيمان يجعل الإنسان إنساناً بل سلطاناً لذلك كان أساس واجبه هو الإيمان بالله تعالى والدعاء والابتهال له والكفر يجعل من الإنسان بجانب عجزه حيواناً مفترساً.
ومن بين ألوف الدلائل لذلك, التفاوت بين مجيء الحيوان والإنسان إلى دار هذه الدنيا التفاوت الذي هو دليل قاطع على هذه المسألة.
نعم، التفاوت بين مجيء الحيوان والإنسان إلى هذه الدنيا يدل على أن الإنسانية إنما هي بالإيمان وحده، وذلك لأن الحيوان حينما يجيء إلى الدنيا يجيء وكأنه قد تم واستوى في عالم آخر حسب استعداده فيتعلم في ظرف ساعتين أو يومين أو في مدة شهرين شرائط الحياة ومناسبته مع أفراد الكون وقوانين الحياة وتحصل له ملكة. فيتعلم بطريق الإلهام مثلاً: العصفور أو النحلة ونحوهما في ظرف عشرين يوماً ما لا يتعلمه الإنسان إلا في ظرف عشرين سنة من القدرة على السلوك في الحياة والعمل، فوظيفة الحيوان الأساسية ليست هي النبوغ والترقي بكسب العلم