ومن ألوف أمثلة مقام المدح، بيان القرآن في السور الخمسة التي صدرت بـ(اَلْحَمْدُ ِللهِ) فهو مشرق كالشمس[1] مزين كالنجوم، عظيم كالسموات والأرض، محبوب كالملائكة، شفيق كالشفقة على الأولاد في الدنيا، وحسن كالجنة الباقية.
ومن ألوف الأمثلة لمقام الذم والزجر هذا المثال: ﴿أَيُحِبُّ اَحَدُكُمْ اَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ اَخِيهِ مَيْتًا﴾ (الحجرات: 12) يذم القرآن الذم الذي في هذه الآية بست درجات ويزجر عن الغيبة بست مراتب، وذلك أن الهمزة في أول الآية للإستفهام، وهو كأنه ماء سرى في جميع كلمات الآية.
الأولى: يقول بالهمزة: أليس لكم عقل -مرجع السؤال والجواب- فلا يدرك هذا الشيء المهين.
الثانية: يقول بكلمة (يحب): أفسد قلبكم الذي هو مصدر الحب والبغض حتى يحب هذا الشيء المهين البغيض؟.
الثالثة: يقول بكلمة (احدكم): ما بال حياتكم الاجتماعية والمدنية التي تتسرب من حياة الجماعة تقبل هذا العمل الذي يسمم حياتكم ويعكر صفوكم.
الرابعة: يقول بقول (ان يأكل لحم): كيف تغيرت إنسانيتكم وتبدلت حتى يقضم أحدكم بأسنانه أخاه فيفترسه؟.
الخامسة:يقول بكلمة (اخيه): أليس لكم رقة جنس وصلة رحم، حتى تضرسون بكل قساوة أخاً مظلوماً يرتبط معكم بصلات متعددة في
_________________________________________________________
[1] - هذه التعبيرات تشير الى المباحث التي في تلك السور.