Kitaplar
رسالة المعجزات القرآنية

 . وبعد تعداد هذه النعم الإلهية تأتي بهذه الفذلكة: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾ وتبين بها مدى سعة دائرة إنعام الله تعالى على الإنسان، ومقدار تلك النعم التي لا تعد ولا تحصى. أي إن الله تعالى أعطى الإنسان كل ما يطلبه بلسان استعداده واحتياجه الفطري، ولا تنقضي تلك النعم التي منحها للإنسان بالعد ولا تنتهي.

نعم، إذا كانت السموات والأرض مائدة من موائد نعمه، وكانت الشمس والقمر والليل والنهار بعضاً من تلك النعم التي احتوتها تلك المائدة، فمن البديهي أنه لا تعد تلك النعم الموهوبة ولا تحصى.

الإشارة السابعة: سر البلاغة. إن الآية في بعض الأحيان تسلب عن الأسباب الظاهرة قابلية الخلق والإيجاد وتبين الغاية من المسببات وثمرتها، حتى يعلم أن الأسباب انما هي حجب ظاهرية، فإن إرادة غاياتها الحكيمة وثمارها الهامة تنبئ عن أنها إنما هي من صنع عليم حكيم. والأسباب ليس لها أي شعور أو إدراك، بل ليس لها حياة. وتفيد الآية بذكر الثمرة والغاية أن الأسباب وإن كانت حسب الظاهر والوجود متصلة بالمسببات، إلا أنه في واقع الأمر بينهما مسافة شاسعة. نعم، إن بين السبب والمسبب مسافة شاسعة بحيث لا يمكن أن تصل يد أكبر سبب إلى أدنى مسبب، بل إنما تطلع الأسماء الإلهية في أفق تلك المسافة الشاسعة كما تطلع النجوم في آفاقها. فكما أن دائرة أفق الجبال، ترى حسب العيان متصلة بأذيال السماء، إلا أنه في واقع الأمر توجد بينهما مسافة عظيمة هي مطلع جميع النجوم، ومساكن مخلوقات كثيرة غيرها، كذلك الأسباب والمسببات بينهما مسافة معنوية لا ترى إلا بمنظار الإيمان ونور القرآن. 

Hata Bildirim Formu
Sayfalar
123456789101112131415161718192021222324252627282930313233343536373839404142434445464748495051525354555657585960616263646566676869707172737475767778798081828384858687888990919293949596979899100101102103104105106107108109110111112113114115116117118119120121122123124125
Fihrist
Lügat