المثال الثامن: روى الترمذي عن ابن عباس t أنه قال: قال النبي r لأعرابي: «أرأيت أن دعوت هذا العذق من هذه النخلة أن تشهد أني رسول الله» قال: نعم!. فدعاه فجعل ينقز من رأس شجرتها حتي أتاه، فقال ارجع فعاد إلى مكانه.[1]

وهناك أمثلة كثيرة مثل هذه الأمثلة الثمنية رويت بطرق كثيرة. ومن المعلوم أنه إذا اتحدت هناك عدة خيوط صارت حبلاً قويّاً. فإذا رويت هذه المعجزة الشجرية بطرق متعددة عن مشاهير الصديقين الصحابة فلا ريب في أنها في قوة التواتر المعنوي. بل إنها متواترة تواتراً حقيقياً. ومما لا شبهة فيه أنها بعدما انتقلت إلى يد التابعين أخذت طابع المتواتر. لا سيما طريق أصحاب الكتب الصحيحة كالبخاري ومسلم وابن حبان والترمذي. ذلك الطريق الذي ينتهي إلى الصحابة فإنه طريق صحيح أشبه بسكة الحديد، فرؤية الحديث مثلاً في البخاري هو كالاستماع من الصحابة.

وإذا عرفت الأشجار رسول الله عليه الصلاة والسلام وصدقت رسالته وسلمت عليه وزارته وامتثلت أمره-كما رأينا في هذه الأمثلة -فكيف لا يعرفه هذا المخلوق الذي يسمى بالإنسان ولا يؤمن به هذا المخلوق الجامد العاري عن العقل والمعرفة. أفلا يكون إذاً أدنى من الشجر اليابس وأقل أهمية من عود الحطب، ليس له أية قيمة وأهلاً لأن يقذف به في النار.

_____________

[1]  - الترمذي، مناقب: 6 ، الدارمي، مقدمة: 4 ، الحاكم، المستدرك: 2/620