«نعم» فرفع يده فلم يرجعها حتى أرسل الله سحابةً فمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا ما يحتاجون إليه. وإن تلك السحابة لم تتجاوز العسكر.[1] فلم يكن هذا المطر، وانما كان معجزة أحمدية محضةً لا صدفة فيها.

المثال التاسع: عن عمرو بن شعيب حفيد عمرو بن العاص والأئمة الأربعة الذين اعتمدوا عليه في هذا الحديث وخرجوه أن النبي r قبل النبوة كان رديف عمه أبي طالب بذي الحجاز قرب عرفة، فقال أبو طالب للنبي r عطشت، وليس عندي ماء. فنـزل النبي r وضرب بقدمه الأرض فخرج الماء، فقال: «اشرب» فشرب.[2]

قال واحد من المحققين: إن هذه الحادثة كانت قبل النبوة لذلك هي من الإرهاصات. وظهور عين في ذلك المحل بعد مضي ألف سنة من الزمن تعد كرامة أحمدية. فالمعجزات المائية وإن لم تبلغ تسعين مثالاً مثل هذه الأمثلة التسعة إلا أنها رويت بتسعين وجهاً. والأمثلة السبعة الأولى قوية وقطعية كالتواتر المعنوي. أما المثالان الأخيران وإن لم تكن طرقهما قوية ومتعددة ورواتهما كثيرة إلا أن أصحاب الكتب الصحيحة وفي مقدمتهم الإمام البيهقي والحاكم عن عمر t رووا معجزة ثانية سحابية تؤيد المعجزة الثامنة التي رواها الإمام عمر وهي: إن عمر t طلب من الرسول الكريم r أن يستسقى حيث إن الجيش كان في حاجة ماسة إلى الماء فرفع الرسول الأكرم يديه نحو السماء فاجتمع السحاب وأمطر حتى ارتوى الجيش ثم تفرق السحاب، وكأن السحاب كان مأموراً لأن يروي الجيش وحده؛ حيث أمطر حسب الحاجة فقط. فكما تؤيد هذه الحادثة المثال الثامن وتقويه؛ كذلك يقول أمثال المحقق الشهير ابن الجوزي-الذي لا يقبل بعض الأحاديث الصحيحة فيجعلها مو ضوعاً- إن هذه الحادثة وقعت في غزوة بدر المعروفة. وإن هذه الآية الكريمة: ﴿وَيُنَزِّلُ علَيْكُمْ مِنَ السَّماَءِ ماَءً لِيَطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ (الأنفال: 11) نزلت في حقها.

_____________________________________________________________

[1]  - الحاكم، المستدرك: 1/159 ، البيهقي، دلائل النبوة:5/ 231[2]  - صحيح البخاري، استسقاء: 3 ، ابن ماجه، اقامة: 154 ، المسند: 2:93