حتى سمع قرائة النبي r وهو لا يلتفت وأبو بكر يلتفت، وقال للنبي r: أتانا، فقال: «لا تحزن إن الله معنا» (التوبة: 40) فساخت ثانية إلى ركبتيها وخر عنها فزجرها فنهضت ولقوائمها مثل الدخان. فعلم آنذاك بأنه ليس في وسعه ولا وسع غيره أن يلحقه بسوء فناداهما بالأمان، فكتب له النبي r أماناً فأمره النبي r ألا يترك أحداً يلحق بهم.[1]

وفي خبر آخر أن راعياً عرف خبرهما فخرج يشتد حتى يُعلم قريشاً، فلما ورد مكة ضرب على قلبه فما يدري ما يصنع ونسي ما خرج له حتى رجع إلى موضعه ثم بعد ذلك علم أنه إنسي.[2]

الثالث: روى أئمة الحديث بطرق متعددة أنه في غزوة غطفان وأنمار أتى رئيس قبيلة اسمه غورث، وكان رجلاً شجيعاً أتى النبي r من حيث لم يره أحد فاخترط سيفه ثم قال ومن يمنعك مني؟ فقال: «الله» ثم قال: «اللهم اكفينيه بما شئت» فرعدت يد الأعرابي وسقط سيفه. ثم أخذ الرسول السيف بيده، وقال له: «ومن يمنعك مني»؟ ثم عفا عنه ورجع إلى أهله واحتاروا فيه، وقالوا: أين ما كنت تقول وقد أمكنك فيه. فقال: هكذا كان الأمر، وقد جئتكم من عند خير الناس.[3] وقد حكيت مثل هذه الحكاية أنها جرت له يوم بدر وهي: كان رسول الله r قد انفرد من أصحابه فتبعه رجل من المنافقين من حيث لم يره أحد ولم يشعر به إلا وهو قائم على رأسه منتضياً سيفه. فنظر إليه فارتعد ووقع السيف من يده.[4]

الرابع:روى رجال الحديث رواية مشهورة قريبة إلى التواتر وذكر أكثر المفسرين سبب نزول هذه الآية:

________________________________________________________________________

[1]  - صحيح البخاري، فضائل: 2 ، صحيح مسلم، زهد: 75 ، العسقلاني، المطالب العالية: 4/208-209[2]  - القاضي عياض، الشفاء: 1/307 ، علي القارئ، شرح الشفاء: 1/715[3]  - انظر صحيح البخاري، جهاد: 84-87 ، مغازي: 31-32 ، مسلم، صلاة المسافرين: 311 ، فضائل: 13[4]  - القاضي عياض، الشفاء: 1/247 ، علي القارئ، شرح الشفاء: 1/710